منذ تولي الرئيس السيسي الحكم حرصت مصر على إقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا. وعززت روابط عميقة مع مختلف البلدان سواء مع الدول العربية والأفريقية الشقيقة، أو مع القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، والانفتاح على قوى أخرى؛ مثل: روسيا والصين. ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية التي قام بها الرئيس السيسي، وحرصه على المشاركة في القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب في مصلحة مصر سياسيًا واقتصاديًا.
وتبنت القاهرة مواقف ثابتة حيال القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية وليبيا واليمن والعراق. فيما تظل القضية الفلسطينية تحتل مكانتها على رأس الأولويات المصرية، حيث نظمت مصر بالتعاون مع الحكومة النرويجية “مؤتمر القاهرة حول فلسطين: إعادة إعمار غزة” في (12 أكتوبر 2014م)؛ لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإزالة آثار العدوان، حيث تمكّن المؤتمر من حصد نحو 5.4 مليار دولار كمساعدات دولية لفلسطين.
جاءت التحديات التي فرضتها تطورات الأزمة السورية واتصالها الوثيق بالأمن القومي المصري والعربي لتدفع بالقضية السورية لصدارة أولويات تحركات السياسة الخارجية المصرية، وبذلت مصر جهودًا حثيثة لوقف نزيف الدم السوري، وتمّ عقد “مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية” في يناير 2015م، ثم عُقد مؤتمر ثانٍ موسّع بالقاهرة في يونيو 2015م؛ صدرت عنه وثيقتا “خارطة الطريق” و”الميثاق الوطني السوري”.
وشاركت مصر في اجتماعات اللجنة المصغرة الدولية المعنية بسوريا على المستويين الوزاري وكبار المسئولين، مع تواصل مساعيها الرامية إلى حثِّ القوى الدولية والأطراف السورية على دفع المسار السياسي. وتواصل مصر جهودها في استضافة اللاجئين السوريين الذين تُقدّر أعدادهم بحوالي نصف مليون شخص، وتقدم كافة أوجه الدعم والامتيازات لحصولهم على الخدمات الأساسية في مختلف المجالات، وخاصةً التعليم والصحة شأنهم شأن المواطنين المصريين.
كما دعت مصر لاجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية لبحث العدوان التركي على الأراضي السورية في أكتوبر 2019م، حيث أدان الاجتماع الاعتداء التركي على سوريا.
وتأتي الأزمة الليبية فى مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وهو ما أكدته مصر من خلال مبادرتها التي سبق وأن أطلقتها وعبّرت فيها عن موقفها الثابت من تطورات الأوضاع في ليبيا، والتي ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن في “احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا، والحفاظ على استقلالها السياسي”، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.
استضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية، وخاصةً البرلمانيين الليبيين، وكذا القوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة في ليبيا، فضلًا عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا.
وتواصل مصر دعمها للشعب الليبي الشقيق وتعمل على استعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية في مواجهة التدخلات والأطماع، وهو ما عكسته مبادرة “إعلان القاهرة” والتي أُطلقت في 6 يونيو 2020م من مصر برعاية الرئيس السيسي لوقف إطلاق النار في ليبيا ولاقت ترحيبًا دوليًا كبيرًا.
وبالنسبه للوضع في اليمن، أكدت مصر دومًا مساندتها للشرعية اليمنية، وارتكز الموقف المصري دائمًا على دعم وحدة الأراضي اليمنية والترحيب بقرارات الأمم المتحدة كافةً ومجلس الأمن الصادرة بشأن الوضع في اليمن، فضلًا عن تأييد التسوية السلمية وإجراء حوار وطني من أجل التوصل لحل توافقي.
على مستوى العلاقات المصرية مع الدول العربية ودول الجوار: شهد عام 2019م تدشين آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن عبر عقد القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث بمشاركة الرئيس السيسي بالقاهرة في 24 مارس 2019م، والتي تم الاتفاق خلالها على دفع التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الثلاث في مختلف المجالات. فيما عُقدت القمة الثلاثية الثانية بمشاركة الرئيس السيسي على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 22 سبتمبر 2019م.
ويظل الانتماء المصري للقارة الأفريقية في صدارة دوائر السياسية الخارجية؛ بل ويشكل أحد المعالم الرئيسة في تاريخ مصر، فمنذ تولي الرئيس السيسي المسئولية سعت مصر إلى لعب دور فاعل في مختلف آليات العمل الأفريقي المشترك، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة في كافة المجالات، وهو الأمر الذي انعكس في القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسئولين الأفارقة في مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والدول الأفريقية بهدف دعم التعاون الاقتصادي.
وتشهد العلاقات بين مصر وشركائها في آسيا زخمًا كبيرًا يقوم على أساس تبادل المصالح، وكانت الدائرة الآسيوية محط اهتمام الرئيس السيسي، حيث تمّ فتح علاقات جديدة بدول آسيوية لم يزرها أي رئيس مصري، وكذلك عودة الزيارات التي انقطعت لدول آسيوية عظمى، وتجسّد ذلك في جولات الرئيس الآسيوية وزياراته الرسمية إلى كل من سنغافورة والصين وإندونيسيا ودول كازاخستان واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، والتي استهدفت الاستفادة جميعها من خبرات وتجارب هذه الدول فى المجالات التنموية والتعليم والصناعة وتنمية الاقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات، وأثمرت توقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في هذه المجالات.
وشهدت العلاقات المصرية الأوروبية دفعة قوية، سواء على المستوى الثنائي من خلال زيارات الرئيس لكل من ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والمجر والبرتغال أو متعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول “فيشجراد” من خلال المشاركة الأولى لمصر في أعمال هذه القمة.
أما العلاقات المصرية الأمريكية فقد شهدت طفرة كبيرة، حيث إن التنسيق المصري الأمريكي، يمثل جزءًا مهمًا في استراتيجية التعاون مع القضايا والملفات، خاصةً فيما يتعلق بالملف الأهم والأكبر في المنطقة، وهو الإرهاب الدولي، والتنظيمات الإرهابية، والأفكار المتطرفة التي تطورت بدورها في الصراعات، حيث تمتلك مصر رؤية شاملة في التعامل مع هذه الظواهر التي تتعلق بالإرهاب التي تقوم على التعامل من منصوص شامل ومواجهة عسكرية وأمنية وثقافية وتنموية، وتجفيف منابع الإرهاب، واتخاذ مواقف رادعة تجاه الدول التي تحتضن وتمول الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والتعاون بين الدول الكبرى في منع تسلل العناصر الإرهابية ومنع تدفق الأموال عبر الإنترنت، فيما تواصل الدبلوماسية المصرية جهودها من أجل رفعة الوطن وحماية مصالحه.